مما لا شك فيه أن الإرهاب أصبح موضوع الساعة محلياً ودولياً، قلا يمر يوم تقريباً إلا اتسعت في دائرة العنف التي باتت تشكل معضلة دولية تلقي بظلالها وآثارها السلبية على العلاقات الدولية، إلى درجة أصبحت فيها تهدد السلم والأمن الدوليين بالخطر، وتضع مستقبل البشرية جمعاء أمام تحديات ضخمة وخطيرة، وتهدم النظام العالمي الجديد الذي بدأت ملامحه تتكون أكثر فأكثر على وقع الإرهاب.
تأتي أهمية هذا البحث في وقت بلغت فيه دائرة العنف أقصى مداها بأحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، التي شكلت مفصلاً تاريخياً يؤرخ ما قبلها وما بعدها، وأوجدت شرخاً عميقاً داخل المجتمع الدولي، يزداد اتساعاً يوماً بعد يوم. وقد اتخذت ذريعة بيد بعض الدول، كالولايات المتحدة الأمريكية، التي وجدت فيها فرصتها الذهبية لبسط سيطرتها على العالم، تحت مسمى مكافحة الإرهاب.
كما ويهدف هذا البحث إلى محاولة وضع الأمور في نصابها، لأن المفاهيم قد اختلطت وزورت الحقائق والمصطلحات لأهداف وغايات سياسية، وأصبح شعار مكافحة الإرهاب يستخدم بشكل انتقائي وعشوائي، لتبرير الأعمال غير المشروعة ضد الصحوة الإسلامية، بمختلف هيئاتها ومؤسساتها وأحزابها، التي باتت مكسر عصا للدول الاستعمارية، تسقط عليها تهمة الإرهاب متى شاءت ظلماً وعدواناً، بهدف ضربها والقضاء عليها.
خطوات البحث وبالعودة لمتن التي نجد قد وزع على مقدمة، وتسعة فصول، وخاتمة، كالتالي: الفصل الأول: تعرض لمفهوم الإرهاب لغة واصطلاحاً، واستعرض أبرز المواقف والجهود الدولية إزاء ظاهرة الإرهاب، في محاولة للتوصل إلى تعريف محدد وجامع، واستخلاص الوسائل لمكافحته والقضاء عليه. كما بين موقف الشريعة الإسلامية منه، من خلال استعراض سريع لرأي كبار المذاهب الإسلامية في هذا الموضوع.
الفصل الثاني، تابع نشأة الإرهاب كظاهرة إنسانية عرفتها البشرية منذ بدء الخلق، وتطورت معها، ولازمتها عصراً بعد عصر، متوقف عند أبرز المحطات الإرهابية التي شهدتها هذه العصور المتلاحقة، والتي اتخذت في معظمها طابع جرائم حرب.
وفي الفصل الثالث كان لا بد من دراسة الأسباب والدوافع التي تكمن وراء ظاهرة الإرهاب، لأنها حتماً لا تأتي من فراغ، وهذا ما اقتضى تحليل الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية، إضافة إلى لبحث الظروف والضوابط التي تحكم العلاقات الدولية، ومدى تأثيرها في مجرى الأحداث الإرهابية.
الفصل الرابع: تطرق إلى ممارسة الإرهاب على الصعيدين الفردي والجماعي، وقسم الجماعات الممارسة للعنف والإرهاب إلى جماعات سياسية، وجماعات اقتصادية واجتماعية، وجماعات استخباراتية، مع التعرض لهذه الجماعات فكراً وممارسة.
الفصل الخامس: ركز على إرهاب دول الاحتلال، واتخذ إسرائيل نموذجاً في هذا المجال، ثم عرج على إرهاب الدول ضد شعوبها الذي يندرج ضمن الإرهاب الرسمي، ثم استعرض سريعاً سياسة التخريب الدولي التي سادت الحرب الباردة بين العملاقين الأمريكي والسوفياتي آنذاك.
الفصل السادس: حاول قدر المستطاع إيجاد معايير مختلفة للتمييز بين أعمال الإرهاب، وأعمال حركات التحرر الوطني التي تشهد اليوم هجمة شرسة، بغية إخمادها وإنهائها، مع التركيز على مشروعيتها في ضوء الأديان السماوية والقانون الدولي.
وفي الفصل السابع: وأمام الهجمات الإعلامية والسياسية التي تقودها الدول المعادية، تحدث عن موضوع العلميات الاستشهادية وعلاقتها بالإرهاب، وحاول تأصيل هذه الظاهرة استناداً إلى القانون الدولي والشريعة الإسلامية وتبيان الضوابط الشرعية والقانونية لمثل هذه العمليات.
الفصل الثامن: ركز على العلاقة الوثيقة بين الإرهاب وجرائم الحرب، مستعرضاً أهم الأركان المشتركة بينهما، ومستنتجاً أن الإرهاب يشكل، في كثير من وجوهه، جرائم دولية، سواءً أكانت جرائم حرب، كقتل المدنيين، أم تعذيب الأسرى، أم ضرب البنى التحتية، أم استعمال الأسلحة المحرمة دولياً، أم كانت جرائم ضد الإنسانية، كجريمة إبادة الجنس، أم جرائم ضد السلم والأمن الدوليين، كالعدوان والقرصنة.
الفصل التاسع والأخير، استعرض أهم الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في مكافحة الإرهاب، من الناحيتين القانونية والقضائية، سواءً أكان ذلك على صعيد الأمم المتحدة، أم الدول الأوروبية، أم أميركا اللاتينية، أم الدول العربية، إضافة إلى جهود الدول منفردة على الصعيد الداخلي، وأهم الإجراءات التي اتخذتها في سبيل مكافحة الإرهاب.
--------------------------------------------------------------------------------