هذا المرة ينحو الأستاذ عبد العزيز العسالي بالنقاش حول دية المرأة منحاً جديداً في الاتجاه المقاصدي المعتمد على المبادئ والقواعد الفقهية والأصولية. ونظراً لضيق المساحة تم حذف الهوامش والحواشي.. نأمل تقدير الباحث لهذه الضرورة الفنية... المحرر
قبل كل شيء نريد إنصاف الرجل والمرأة في هذا الصدد. كون الدية في القانون اليمني لا تعكس الصورة المعادلة للشريعة ولا تخدم الإسلام.
وعليه نقول: إن عملنا في هذه التناولة ينقسم إلى قسمين، القسم الأول ويتضمن تقريرات أصولية وضعها أئمة الأصول اقتبستها اقتباسا دون الإشارة إلى المراجع وهي كثيرة ومشهورة لدى من له أدنى إلمام بهذا الفن. وهي قواعد صارمة واضحة محل اتفاق، القسم الثاني استعرضت فيه قواعد يجب الاحتكام إليها في هذا الموضوع وغيره، وهي قواعد أيضاً وضعها أئمة الأصول.
لكني سأشير إلى المراجع فأقول :
1-إنه لا قيمة لفقه يضيع مقاصد الشريعة ،. ذالك أن النصوص جاءت لخدمة المقاصد العامة للشريعة، التي لا تخفى على أحد... وهذا أمر قرره أئمة هذا الشأن كابن تيمية وابن القيم والشاطبي ومن قبلهم ابن عبدالسلام والقرافي ومن قبلهم أئمة المذاهب ومن قبلهم الصحابة والخلفاء الراشدين وسيتضح هذا لا حقاً إن شاء الله، اكرر القول أننا إذا أضعنا المقاصد فهل نظل نعبد حروف النصوص ؟
2-إن نقدنا لأقوال الفقهاء في هذا الصدد وأشباهه لن ينصب على الحرفية الذاتية = أدلة المعارضين ولا دعاوى الإجماع فهي هشة ولا تستحق الوقوف معها كثيراً.
وأن ما سنقوم به هنا هو النقد التجاوزي - إن جاز التعبير- بمعنى أننا سنحتكم إلى ما هو أعم وأقوى، وهو المقاصد العامة - ذالك أن المقاصد لا ينتطح فيه عنزان ولا يختلف فيه فقيهان.
وهذا هو منهج سلفنا عند اعتراك الأنظار، أو عندما يستجد أمر، فلنترك عباد الحروف وشأنهم.
3- إن عملنا هذا ليس ردة فعل كما يصنعه البعض - وليته جاء بحلول فقهية - إنما هدفنا هو البحث العلمي القائم وفقا ًللقواعد الأصولية الصارمة «المقاصد العامة للشريعة الإسلامية» وهدف تقديم فقه حضاري في شتَى ميادين الحياة ، إضافة إلى القواعد الأصولية والنصوص الصحيحة الصريحة.
4-كما أننا نقرر أن كثيراً من المسائل الفقهية في تراثنا الفقهي غلب عليها طابع السطحية والبساطة إلى حدٍ بعيد ومنها موضوع النقاش...
5-إن هذه القضية لم تأخذ حقها من البحث قديماً كما حصل لعلم تشريح الوضوء، وعلم التوحيد الذي تجرأ الفقهاء على الخوض فيه في جدل عقيم لم يثمر سوى الجفاف الروحي، في الوقت نفسه تجد أن الشورى معلمة، والبيعة للخليفة تنعقد برجلين قياساً على الزواج أن الغرض من الأمر في الأية: «وشاورهم...» هو الإعلام، في حين الغرض في حديث ( اعفوا اللحى ) لا يقل عن السنة المؤكدة إن لم يكن للوجوب ومع ذالك نقول إن للسلف عذرهم ولا عذر لنا إذا جمدنا على النقل دون بصيرة.
6-إن الإجماع هو كاشف للحكم لا منشئ، إذ لو كان الإجماع منشأً لكان مشرعاً ثالثاً بعد الله ورسوله.
7-قرر علماء الأصول أن الحُجة في مستند الإجماع لا في الإجماع نفسه وقد يكون المستند فهماً للنص أو مصلحة أو عرفاً..الخ، والقول بخلاف هذا يدخل في عموم الآية «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً».