اقتربت السعودية الأصل فريال المصري
من دخول الانتخابات التشريعية الأمريكية المقررة في يونيو القادم ممثلة عن الحزب الديمقراطي لشغل مقعد في المجلس التشريعي لمقاطعة فنتورا وجزء من ولاية لوس انجلوس.
وقالت المصري التي فشلت قبل ذلك مرتين في التأهل لهذه الانتخابات إنها جمعت حتى الآن 43% من الأصوات وباتت تحتاج إلى 7% فقط مشيرة إلى أنه لو تحقق ذلك فستكون في طريقها لتصبح أول سيدة أمريكية من أصل عربي وسعودي تحديدا تشغل هذا المقعد، وواحدة من بين عدد محدود من الأميركيين ذوي الأصول العربية يشغلون مناصب عامة منتخبة في الولايات المتحدة.
وفي حوار أجراه معها الزميل حسين أبو السباع في الرياض، ونشرته مجلة "روتانا" في عددها الأربعاء 30-4-2008 أوضحت، المصري أنها قامت بزيارة أكثر من 35 ألف بيت للتعريف ببرنامجها الانتخابي، مما مكنها من بناء قاعدة مؤيدة لها ضد الجمهوريين (الحزب الجمهوري المنافس).
وأضافت أنها الوحيدة التي رشحتها جريدة (فنتورا) المحافظة، شاكية من نقص الدعم المالي، ما يعرقل الكثير من التقدم في حملتها الانتخابية. لكنها أردفت "أعمل على تغيير هذه الصورة، أعمل لأثبت أن المال يأتي في المرتبة الثانية في الدعاية وتعريف الناس بك".
وأخفقت المصري من قبل في حملتين انتخابتين للفوز بمقعد في الدائرة "37" في المجلس التشريعي بولاية كاليفورنيا التي ينتمي أغلبها إلى الحزب الجمهوري. وكانت قد انخرطت في نشاطات الحزب الديمقراطي في العام 2004 عقب بروزها سياسيا بعد ارسال ابنها إلى العراق ضمن الجيش الأمريكي في بداية الحرب.
من مكة المكرمة
وقالت المصري التي هاجرت إلى الولايات المتحدة في العام 1979 إنها من مواليد مكة المكرمة تنتمي لأسرة "بيت المال"، وهي أسرة سعودية كانت تحترف طوافة الحجاج في مكة التي عاشت فيها حتى العاشرة من عمرها.
واستطردت بأنها تحمل لقب عائلة زوجها "المصري" حسب التقاليد السائدة في أمريكا، وأنها كانت قد انتقلت مع والدها واخوتها الستة من مكة إلى مصر إلى أن حصلت على ليسانس في الصحافة من جامعة القاهرة، ثم واصلت مشوارها التعليمي في كل من فرنسا وانكلترا قبل قدومها إلى الولايات المتحدة، ثم حصلت على ماجستير في الإدارة المدرسية من الجامعة اللوثرية بولاية كاليفورنيا، ثم حصلت على شهادة من جامعة ولاية كاليفورنيا بنورث أهلتها للتدريس في المدارس العامة في الولايات المتحدة.
وتحدثت المصري عن بداية ترشحها للانتخابات التشريعية بالقول "كان من المستحيل أن يصدق الأمريكان أن أرشح نفسي في كاليفورنيا كامرأة سعودية وكديمقراطية، فالجمهوريون كانوا مسيطرين، ولا يمكن وقتها أن يفوز أي ديمقراطي، واسمي في البداية كان غير مشهور، فألقيت كلمة والناس تشجعوا كثيراً وقتها، وانقلب الموقف من ضحك على تأييدي إلى تأييد لي".
وأضافت "لا يهمني أي أحد حتى أنكر كوني سعودية، وقلت للأمريكان: إذا أردتم انتخابي فأهلاً بكم، وحكيت لهم كثيراً عن الشرق الأوسط، وحتى طريقة نطقي اللغة الإنكليزية رغم أني أجيد اللكنة الأمريكية، إلا أني أحتفظ بطريقة نطق تفصح عن كوني عربية".
واصلت المصري "لا أؤمن بالمستحيل، ولا أؤمن بالفشل تماماً، أؤمن فقط أن أعمل، وأعرف كيف أكسب، فمعنى الانتصار عندي معنى واسع، أنا أقوم بمجهود، وأكون فخورة بما أقوم به، فطموحي كبير جداً، والناس يحبونني بسبب تفاؤلي لأني دائمة الضحك، ولم أفكر في السياسة أبداً، لأني أحكي وأتحدث عن كل ما في قلبي وبعاطفتي".
وقالت "أذهب إلى المعابد والكنائس للحديث عن الإسلام، عندي مهمة أريد إنجازها، فهنا 5 ملايين مسلم. من الممكن أن نغير وجهة النظر تماماً تجاهنا، فمنذ أكثر من عشرين عاماً أنشأت أول مدرسة إسلامية في لوس أنجلوس خارج المساجد اسمها "التضامن" درست فيها اللغة العربية والفارسية والأردية، فأنا بدأت نشاطي قبل كل هؤلاء الناشطين الآن والظاهرين على الساحة".
في الحزب الديمقراطي
وتابعت فريال المصري "حين شعرت أن أمريكا هي التي ترسم سياسات ومستقبل الشرق الأوسط، ذهبت إلى الحزب الديمقراطي الذي رحب بي، وألقيت عدة محاضرات لأعرفهم بالعراق والعالم العربي. فأكثر الأمريكان المسيحيين لا يعرفون من أين أتت المسيحية، ولا يفهمون تقاليد العرب، تكلمت عن تاريخ العراق، وعن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط التي لابد أن تكون أفضل من هذا".
وأوضحت أن زوجها وليد المصري لبناني الأصل، يعمل مهندساً مدنياً في البحرية الأمريكية. واستطردت "هو يؤيدني، وفخور بي جداً، ويعرف أني نشيطة، ولي ثلاثة أبناء، اثنان ذكور وبنت واحدة، أعلمهم كل شيء، لكي يختاروا أصدقاءهم بشكل صحيح، بما لا يتعارض مع كوننا عرباً مسلمين في الأساس، وأحاول أن أكون مضرب المثل بالنسبة لهم في القيادة والثقة في النفس. أعلّم أولادي أن يفهموا أولاً، ثم يقرروا بعد ذلك ما يرونه مناسباً، فقوتنا الحضارية هي أن تكون كمسلم سفير خارج بلدك".
وأشارت إلى أنها اشتغلت حوالي 15 سنة مع الجالية العربية، وأنشأت مدارس وجمعيات، واهتمت بمشكلات المرأة العربية، وألقت عدة محاضرات في الفترة الأخيرة إلى أن أخذتها السياسة.
وقالت: أحاول أن أكون مثلاً للجيل العربي الجديد الصاعد ليدخلوا في السياسة من دون خوف، وهذا ما وجدته هنا، لأنهم أعجبوا بي، فالخوف من السياسة موروث عربي، وإحساس بالخطر يأتي به العرب إلى هنا، فيشعرون بالانعزال.
ظهوري بدون حجاب
وأكدت فريال المصري أنها تعرضت لانتقادات بعض أفراد الجالية المسلمة في الولايات المتحدة بسبب عدم ارتدائها الحجاب، قائلة "ينبغي ألا يكون الحكم على المرأة المسلمة بناء على التزامها أو عدم التزامها بالزي الإسلامي فحسب، كما أن ملابسي ليست غريبة على العالم العربي فنساء كثيرات في الدول العربية ملابسهن مثلي".
وعن مشاعرها عندما ذهب ابنها مجندا إلى العراق قالت " أنا أحتج على الحرب في العراق منذ قيامها، على الرغم من ذهاب ابني إلى هناك ليتعاون مع القوات الأمريكية التي طلبته لمعرفته كيفية التعامل مع العادات والتقاليد العربية".
وتابعت "ذهب إلى العراق للمشاركة في الجانب المدني فقط، لكني كنت خائفة جداً عليه، لكنهم طلبوه، ما زاد رفضي للحرب أكثر، وبدأت أحتج على الحرب الإعلان عنها، وخرجت في تظاهرات منددة بها، فالشعب الأمريكي لا يوافق على الحرب، وكذلك الديمقراطيون، وتحدثت مع الجميع لكي نضم صوتنا إلى الحزب الديمقراطي، لأننا كجالية عربية لا صوت لنا في أمريكا".
وعن دورها في مشروع تحسين صورة أمريكا في الخارج، قالت المصري "طلبوني كعضوة في لجنة النصيحة، واجتمعنا مع كارين هيوز التي كانت مساعدة لكوندوليزا رايس، لكن هيوز استقالت لشعورها بفشل المشروع، كما اجتمعت أيضا مع كوندوليزا رايس واشتغلت مع 6 تجمعات شعبية كنائبة لرئيس لجنة سياسة الحزب الديمقراطي في كاليفورنيا".
أضافت "اختاروني على أساس شعبيتي، وهناك مشروع نناقش فكرته الآن لمحاولة التقريب بين الشعب الفلسطيني والإسرائيلي داخل فلسطين بعيداً عن الحكومات، والسبب أن إنسانية الشرق الأوسط ضاعت، والحزن يخيم على المنطقة بسبب الحرب".
وتستدرك المصري بقولها "أريد تحسين الصورتين العربية والأمريكية، ولا يستطيع أحد تغيير أحد إلا إذا فهمه، وعلينا أن ننظر إلى إيجابيات كل فريق".